السجون العراقية …هل تحمي حق السجناء في الرعاية اللاحقة ؟؟؟

0
165

السجون العراقية …هل تحمي حق السجناء في الرعاية اللاحقة ؟؟؟
رن الهاتف الخاص ب ( صحيفة الميزان القانونية ) .كان المتحدث على الطرف الاخر سيدة قالت انها طبيبة نسائية وترغب بعدم الكشف عن اسمها والتي اقترحت ان يقوم احد الصحفيين العاملين في صحيفة الميزان بأجراء مقابلة مع المواطن (ر .ص .ع )والذي اثبتت الوقائع نزوعه الحاد وغير المبرر الى استخدام العنف المفرط ضد المقربين منه و اسرته الصغيرة المكونة من زوجة وابنتين ، (ر)وهي من مواليد 2004 و(ف)وهي من مواليد 2007 واضافت الطبيبة النسائية التي اوضحت بأنها كانت تقدم العلاج لزوجة (ر.ص.ع):- بما ان (ر. ص. ع) قد افرج عنه من السجن قبل اربعة اشهر فأن هناك خشية من ان تتسبب حالته النفسية السيئة وعدم تمكنه من تجاوز الصعوبات التي تواجه في الغالب المطلق سراحهم من السجن حديثا في دفعه مرة اخرى الى ارتكاب اعمال غير قانونية تعيده الى السجن مرة اخرى .
(ر .ص .ع) يدلي بشهادة مهمة للميزان
بعد يومين من اجراء الاتصال مع الطبيبة النسائية ، قام رئيس تحرير صحيفة الميزان وبمشاركة الصحفية (حنين جبار )وهي احدى المحررات والباحثات الاجتماعيات اللواتي يعملن في الصحيفة ،ويقمن بتقديم الدعم النفسي والتوجيه الاجتماعي الذي يصاحب عادة الخدمات القانونية المجانية التي تقدمها صفحة ( استشارات قانونية )في صحيفة الميزان ، بأجراء مقابلة استمرت 3 ساعات مع السجين المطلق سراحه (ر. ص .ع). كان (ر. ص. ع)رجلا في بدايات العقد الرابع من عمره ، اذ ولد في جنوب مدينة الحلة عام 1982 ،كان طويلا ،ممتلئ الجسم ملامح وجهه الدقيقة والهادئة لا تشير بأي شكل من الاشكال الى رجل عنيف وحاد الطباع .في بداية المقابلة كان (ر .ص. ع )مترددا في الحديث عن وقائع حياته في السجن وبعد اطلاق سراحه ، ولكنه تشجع فيما بعد ، عندما عرف بطبيعة عملنا ورغبتنا في التعرف على مدى استجابة السجون العراقية لتفعيل مفهوم (الرعاية اللاحقة) للسجين والتي من المفترض ان يبدأ تقديمها عند دخول ذلك السجين الى المؤسسة الاصلاحية ،وبعد اطلاق سراحه وكذلك عبر تقديم خدمات الدعم النفسي والمساندة المجتمعية والمادية له ولعائلته وهو يقضي محكوميته للحد من فرص ارتكابه لمخالفات قانونية جديدة قد تعيده للسجن مرة اخرى .كانت مقابله مهمة حقا كما دعاها (ر. ص. ع) حيث وصفها (وهنا ننقل عبارته نصا):- بأنها الفرصة الحقيقية الاولى التي حصل عليها لكي يفجر ما بداخله من الالام ومخاوف وترسبات مزعجة افقدته راحته وحرمته من النوم لا اشهر طويلة ودفعته الى ممارسات غريبة كان يحرص على رفضها فيما سبق ، حيث اعترف بأنه قد تحول الى شخص متوتر وعصبي المزاج يعامل الاخرين ، ومن بينهم عائلته بعنف وقسوة .وصف (ر. ص. ع) مقابلتنا معه بأنها دعم نفسي مهم وشبهها (بنافذة امل ).
ابدا (ر. ص .ع). رغبة كبيرة في التحدث الى الباحثة الاجتماعية ، كان هو نفسه لا يعرف سببا واضحا يبرر تصرفاته الخشنة والقاسية تجاه العاملين معه واصدقاءه وعائلته الصغيرة التي لم تعد قادرة على تحمل عنفه وقسوته مما اضطرها الى طلب المساعدة من قسم حماية الاسرة والطفل من العنف الاسري . الحقيقة الاكثر اهمية التي حددتها الباحثة خلال حوارها العميق مع (ر. ص .ع).هي ان عدم قدرت (ر. ص .ع)على الاندماج المجتمعي وسلوكه العنفي وتوتره النفسي وشعوره بعدم الامان وعدم الوثوق بالأخرين قد يعود الى الاثار ناتجة عن قضائه لمدة 14 سنة من عمره نزيلا في قسم اصلاح الكبار في الحلة ( السجن الاصلاحي ) الذي تديره وزارة العدل ، حيث حكم القضاء العراقي عليه بالردع الجزائي السالب للحرية بعد ادانته وفقا لقانون العقوبات العراقي رقم (111)لسنة 1969 المعدل ، حيث رأت مؤسسة القضاء العراقي ان ايقاع عقوبة السجن السالبة للحرية بالمواطن (ر. ص .ع).يمكن ان يكون رادعا له ولغيره قد يمنعهم من ارتكاب جرائم اخرى .

السجن بين اشكالية العقاب والرغبة في الاصلاح
يقول الدكتور جعفر عبد الامير ياسين استاذ مادة علم الاجرام والعقاب في كلية القانون بجامعة بابل ، ومؤلف كتاب (السجون دراسة تاريخية قانونية اجتماعية ) والذي استقبل (فريق صحيفة الميزان )في بيته :- ان الجريمة ظاهرة اجتماعية عالمية ، وجدت في المجتمعات بوجود الانسان على سطح الارض ، ولا يخلو منها أي مجتمع من المجتمعات مهما كان متقدما ،وقطع اشواطا بعيدة في السياسة الجنائية ، ولما كان هناك جرائم ترتكب فلا بد من وجود عقوبات، ومن بينها الردع الجزائي السالب للحرية المتمثل في التوقيف والحبس والسجن ، ويضيف الدكتور جعفر الياسين:- ان طبيعة بيئة السجن ومدى اقترابها من البيئة الخارجية الحرة يعتمد على درجة مراعاتها لمبدأ (الرعاية اللاحقة ) المنصوص عليها في القوانين النافذة ، وعبر توفير الرعاية الاجتماعية والنفسية والمادية للسجين خلال وجوده في السجن وبعد انتهاء محكوميته واطلاق سراحه وكذلك لعائلته، وبما يضمن اندماجه في المجتمع وعدم ارتكابه لجرائم جديدة تعيده للسجن، هذا الامر يرتبط بطبيعة فهم المؤسسة السجنية للعقاب، بين كونه وسيلة للثأر، او كونه وسيلة من وسائل الإصلاح والتقويم ، وهنا نجد انفسنا امام مدرستين او فلسفتين تقدمان فهمين مختلفين لصياغة البيئة السجنية بمكوناتها المختلفة وطريقة التعامل مع السجين وهما :- مدرسة الحراسة والضبط ومدرسة الاصلاح والعلاج.. اما مدرسة الضبط والحراسة فترى ان السجين المدان هو في الاصل شخص عنيف وعدواني حتى قبل ان يدخل السجن ، وان أي برامج اصلاحية سابقة او لاحقة تطبق في السجون تحاول تقريب بيئة السجن من البيئة الحرة في المجتمع الخارجي هي برامج فاشلة ، حيث ترى مدرسة الضبط والعقاب ان السجين بطبعه الاجرامي ، لا يستطيع ان يسلك سلوكا غير الذي اعتاد عليه قبل دخول السجن ،لذلك يجب ان يجبر السجين على الالتزام بالحدود والخطوط الحمر ، وان يعامل معاملة قاسية وخشنة لكي يتلقى درسا قاسيا لا ينساه ابدا ، وحتى لا تتحول مدة السجن الى نزهة ترويحية ، بل تجربة مؤلمة ومرة تترك اثارها على شخصية السجين الان وفي المستقبل . اما مدرسة الاصلاح والعلاج فترى : -ان فشل برامج الاصلاح في السجون يرجع الى بطئها وعدم قدرتها على التطور والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة ،وان التفكير التقليدي القديم لا دارة السجون يمكن ان يكون سببا من اسباب عدم تمتع السجناء بحقوقهم الاساسية ومن بينها حق الرعاية اللاحقة لهم ولعوائلهم ، مما جعلهم اكثر ميلا للتمرد والعنف ضد انفسهم والاخرين ، ومن ثم زيادة فرص اصابتهم بالأمراض النفسية الناتجة عن التعامل التعسفي والقسر والقهر المنظم وعدم مراعاة حاجة السجناء الى بيئة اجتماعية متفهمة ،كما ان عودة السجناء المفرج عنهم لارتكاب جرائم جديدة قد تعيدهم الى السجن ، وعدم قدرتهم على المشاركة الايجابية والاندماج المجتمعي يعود الى تعرضهم الى ما يسمى (بأزمة الافراج) ، وكذلك طبيعية المجتمع وطريقة تعامله مع الافراد الخارجين من السجون ،ومع عوائلهم خلال وجودهم في السجن والذي يتطلب تفعيل مبدأ (الرعاية اللاحقة )والتي تتكون في الغالب من مجموعة من الحقوق من بينها :- متابعة عائلة السجين والسؤال عن احوالها المادية والاجتماعية وحصولها على سكن مناسب ومدى استمرار ابناء السجين ،ان وجدوا في دراستهم لمعرفة مستواهم العلمي ،واختياراتهم المستقبلية وكذلك متابعة المصالح الاقتصادية للسجين وترتيب علاقاته مع الافراد والمؤسسات من اجل ضمان وتطوير تلك المصالح وديمومتها ، ومن بين الحقوق التي تعزز مبدأ الرعاية اللاحقة تقديم الدعم النفسي للسجين قبل اطلاق سراحه لتمكينه من تجاوز ازمة الافراج ومن ثم تسهيل مهمة اندماجه في المجتمع ، وتهيئته للتعامل الشفاف والعقلاني وغير العنيف مع مظاهر التحامل المجتمعي التي قد تواجهه، وكذلك تسهيل مهمة انخراطه مرة اخرى في سوق العمل، ولعل من ابرز مخرجات الرعاية اللاحقة هي مساعدة السجين المفرج عنه على عدم العودة مرة اخرى على ارتكاب الاعمال المخالفة للقانون عن طريق دعم بناءه النفسي وتشذيب سلوكه العنفي ، وهو الامر الذي تتبناه مدرسة العلاج والاصلاح

اما الدكتور علاء عبد الحسن العنزي استاذ النظم السياسية في كلية القانون بجامعة بابل فيقول ان المجتمعات البشرية ظلت تواجه الجريمة بأسلوب العقاب وحده دون الاهتمام بتقويم واصلاح وعلاج الشخص المجرم ، كما ظل العقاب وحده الاسلوب الاول والاخير لردع المجرمين والتصدي للأجرام عبر عصور طويلة ،الا ان القرن الماضي بالذات افرز بذور حركة اصلاحية كبرى توجهت نحو اصلاح المجرم بدلا من عقابه ،لذلك نرى ان المؤسسة السجنية العراقية يجب ان تنحاز الى النموذج الاصلاحي / الاجتماعي للتعامل مع السجناء والمودعين ، بغية تقريب السجون اكثر الى الوظيفة الاجتماعية وتقليل الفوارق قدر الامكان بين بيئة السجن المغلقة والبيئة الخارجية الحرة ، وهو الامر الذي يمكن ان يمنح السجين بعد قضاء محكوميته فرصا حقيقية للاندماج مرة اخرى في البيئة المجتمعية ، وليمارس حياته بشكل طبيعي مرة اخرى .
بيئة السجن ترسم الخصائص النفسية لشخصية النزيل (ر. ص .ع)
بعد خروجه من قسم اصلاح الكبار في الحلة ، رجع (ر. ص .ع) مزاولة مهنته القديمة ،كان نجارا بارعا يطلبه الموسرين لتأثيث بيوتهم ومكاتبهم ،وعلى الرغم من هذا النجاح ، فأن هناك مشكلة خطيرة في الحياة العملية ل (ر. ص .ع) وهي عدم قدرته على التأقلم مع محيطه ، كما انه كان يتصرف مع عمال ورشة النجارة العائدة لأخيه بقسوة بالغة ، يقول (جعفر ) وهو احد العاملين في ورشة الياقوت التي يديرها (ر. ص .ع) : استاذي يضربني على الدوام ،وفي احدى المرات اصابني بجروح خطيرة في رأسي عندما رماني بالمطرقة واضاف جعفر : ان عدد من العمال قد تركوا الورشة لان استاذي كان يضربهم ، كما انه كان كثير الصراخ ويكيل الشتائم لنا جميعا ،وفي احيان كثيرة يعاملنا كسجناء في زنزانة ويقوم بضربنا باستخدام انبوب بلاستيكي (صوندة ) محشوة بالحصى صنعها بنفسة .
قامت (صحيفة الميزان) بعرض ملف حالة (ر. ص .ع) على الاستشارية النفسية (وداد سلمان ) مديرة مركز الامان للاستشارات النفسية . والتي اوضحت :- بأن السجين في بداية دخوله بناية السجن المغلقة يتملكه غالبا شعور الخوف والاحساس بالظلم الدائم وتوقع الاذى من الاخرين، قد تمتد هذه المشاكل النفسية الخطيرة لفترة طويلة والى ما بعد الخروج من السجن والعودة الى الحياة الحرة ، حيث يكون السجين في هذه الحالة تحت وطئة ما يسميه علماء النفس ب (أزمة الافراج) بحاجة الى تأهيل نفسي واجتماعي لمساعدته على التكيف مع الحياة الجديدة .
اما الاخصائية النفسية ( علياء كريم ) العاملة في احد المؤسسات الصحية بمدينة الحلة فأنها ترى ان فترة السجن الطويلة ، وعدم وجود خبرات لدى كوادر السجون في المجال النفسي تتيح لهم احتواء سورات القلق والهيجان وعدم الرضا وميل السجناء الى العنف بشكل مستمر ،ستؤدي لا محالة الى تعرض السجناء لا وضاع نفسية معقدة تستمر معهم الى فترة ما بعد خروجهم من السجن وعدم امتلاكهم لقدرات التعامل مع اثار صدمة ما بعد الافراج ، وفي حالة (ر. ص .ع) فأن بيئة السجن المضطربة ، واحتمال لجوء الادارة الى الحلول العقابية المباشرة وايداع السجين في المحاجر وعدم تفهم احتياجاته واعتراضاته بطريقة مدروسة قد ادى الى بروز الجوانب السلبية في شخصيته ، فتحول الى شخص عدائي ، واستمر هذا السلوك حتى بعد خروجه من السجن ، وهو الامر الذي يفسر سلوكه العدائي مع زوجته وبناته والعاملين معه ، كما انه يعاني من حالة( الاستدعاء السلبي) لذكريات قديمة في السجن فيلجأ الى التعامل مع عمال ورشته ،في بعض الاحيان ،على انهم سجناء في زنزانة، فيقوم بتعريضهم لبعض الاوضاع العنفية والمهينة كوسيلة انتقامية بسيطة لبعض مما كان يعانيه خلال وجوده في السجن ، انها شكل من اشكال (ترضية الذات) ذات طابع مرضي ولا ريب بحاجة الى المعالجة المدروسة
الرعاية اللاحقة حق يكفله القانون
ولغرض تحديد موقف القانون العراقي من حق السجناء في ( الرعاية اللاحقة )التقت صحيفة الميزان بعضو مجلس نقابة المحاميين العراقيين ، ونقيب المحامين في بابل المحامي احسان فلاح الهيكلي الذي اكد بأن الرعاية اللاحقة للسجناء هي من الحقوق التي تكفلها القوانين النافذة لنزلاء السجون خلال وجودهم في السجن، او بعد انقضاء محكوميتهم واطلاق سراحهم حيث اختصت الفقرة العاشرة من المادة الاولى من قانون اصلاح النزلاء والمودعين رقم 14 لسنة 2018 بتعريف الرعاية اللاحقة للسجناء على انها :- (رعاية المودع او النزيل بعد انتهاء مدة حكمه بما يضمن اندماجه في المجتمع وعدم عودته الى الجنوح ، وتعد الاجراء المكمل لتأهيل المؤسسة العقابية والوسيلة العملية لتوجيه وارشاد ومساعدة المفرج عنه على سد احتياجاته ومعاونته على الاستقرار في حياته والاندماج والتكيف مع مجتمعه عند عودة المحكوم عليه الى المجتمع الخارجي الذي غاب عنه نتيجة للفترة الزمنية التي امضاها في السجن ،ويترتب على رعاية المفرج عنهم رعاية انسانية واجتماعية اهمية كبيرة في نجاح التأهيل الاجتماعي واستمرارها وتحقيق اهداف السياسة العقابية الحديثة ضمانا لحماية المجتمع من مخاطر عودة المجرم الى الجريمة ثانية ) ، كما ان المشرع العراقي قد اكد على اهمية (الرعاية اللاحقة )حينما جعلها هدفا جوهريا من اهداف قانون اصلاح النزلاء والمودعين حيث نصت الفقرة سادسا من المادة الثالثة (اهداف القانون)على :- (الاسهام في دعم الرعاية اللاحقة للنزيل والمودع بالتعاون مع الجهات المختصة للعمل على الحد من الجريمة ومعالجة اثارها ) .
اما الموقف الحقوقي المتعلق بمبدأ الرعاية اللاحقة فقد اوضحه مسؤول ملف العدالة الجنائية في مفوضية حقوق الأنسان في بابل عماد كاظم حسن بقوله (ان الرعاية اللاحقة حق جوهري من حقوق النزلاء والمودعين في السجون وعوائلهم ،يجب حمايته اثناء قضائهم لمدة محكوميتهم ، او بعد الافراج عنهم وأضاف مسؤول ملف العدالة الجنائية ان الرعاية اللاحقة هي الامتداد المنطقي للمنظومة العقابية التي تطبق داخل المؤسسات السجنية ، حيث تسعى تلك الاهداف الى حماية الفرد والمجتمع وتحقيق الردع العام ، فأن برامج الرعاية اللاحقة تقوم بدور اساس في تكملة برامج التأهيل التي تطبق على المدانين داخل المؤسسات في اثناء تمضية مدة العقوبة وبعد خروجهم من السجن و هو ما تؤكده القاعدة (106)من قواعد الامم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء والتي تؤكد على ضرورة ان ( تبذل عناية خاصة للحفاظ على استمرار علاقات السجين بأسرته وتحسينها بقدر ما يكون ذلك في صالح كلا الطرفين )،وكذلك ما تشير اليه القاعدة (108) من تلك القواعد والتي تؤكد ان ( على الأجهزة والهيئات الحكومية او الخاصة التي تساعد الخارجين من السجن على اعادة تثبيت اقدامهم في المجتمع ان تضمن بالقدر الممكن والازم حصول السجناء المطلق سراحهم على الوثائق واوراق الهوية الضرورية ، وعلى المسكن والعمل المناسبين ، وعلى ثياب لائقة تناسب المناخ والفصل ، وان توفر لهم من الوسائل ما يكفي لوصولهم الى وجهتهم ولتامين اسباب العيش لهم خلال الفترة التي تلي مباشرة اطلاق سراحهم )من خلال ما سبق يمكن القول ان اهم اهداف الرعاية اللاحقة تتمثل في :-تهيئة البنية المجتمعية لتقبل السجين بعد الافراج عنه ورعاية اسرة السجين خلال قضاء محكوميته والعمل قدر الامكان على بناء قدرات المفرج عنة قبل مغادرة المؤسسة العقابية من الناحية النفسية والمهنية والتعليمية والعمل على محاولة الحد من العود الى الجريمة عن طريق دعم الحالة النفسية للمفرج عنه وضمان ادماج المفرج عنهم في المجتمع واستثمار طاقاتهم .
اما المحامي حسن حكمت بهجت فقد اكد لفريق الميزان “ان مفهوم الرعاية اللاحقة وسيلة لإنقاذ المجتمع من جرائم محتملة و اكثر خطورة من الجريمة الاولى حيث ان المجرم في جريمته الاولى يكون غير معتاد على حياة الاجرام و يكون اكثر قلقاً و اقل حرصاً على الفرار من العقاب ، و بعد الافراج عنه سيكون مزود بخبرة اجرامية خطيرة ،و واجب الحكومة ان تكبح جماحها و تُضيّع الفرصة على المفرج عنه من ارتكاب جريمة اخرى بخبرة اكبر ،و لا يتحقق ذلك الا من خلال الرعاية اللاحقة ، و هنا يأتي دور المؤسسات الاصلاحية بتقليص الفارق بين حياة السجين داخل المؤسسة الاصلاحية و الحياة الطبيعية خارج السجن حتى لا يصاب بصدمات نفسية خطيرة. تجعله غير قادر على الاندماج ال مجتمعي ”

عوائل السجناء وغياب الرعاية اللاحقة والدعم المجتمعي
(قامت صحيفة )الميزان بزيارة الى عائلة السجين المطلق صراحه (ر .ص .ع) ، تمت الزيارة بحضور (ر .ص .ع) وزوجته (ز .ج. ك) وابنتيهما (رو ف ) .قالت الزوجة: عندما تزوجنا عام 2002 كان ابو( ر) في العشرين من عمره ، اما انا فقد كنت قاصرا في السابعة عشر من عمري ، وقد رزقنا بأبنتنا البكر (ر ) في عام 2003 ، اما (ف) فقد جاءت الى الدنيا عام 2005 .كنا نعيش حياة هادئة على الرغم من قلة مواردنا المالية ،اذ كان ابو( ر) يمتلك سيارة تكسي نوع بيجو قديمة الطراز وكثيرة الاعطال وعندما حدثت المصيبة في عام 2009 وتركنا ابو( ر) لوحدنا ،بعد ان اصدرت عليه المحكمة بالسجن لمدة 14 عاما .عشنا في ظروف صعبة وقاسية ،اسال الله ان لا يريها لاحد من الناس ، اذ كنا وقتها نسكن في بيت مؤجر وليس لنا بعد غياب زوجي أي دخل مالي ، كان عمر (ر) وقتها 6 سنوات ،اما (ف) فقد كانت في الرابعة من العمر . قالت ام (ر) وهي تمسح دموعها :خلال 14 عاما وهي فترة بقاء ابو( ر) في السجن ، لم تسأل عنا الحكومة في أي يوم من الايام ..ماذا نأكل وماذا نشرب ؟؟كيف نحصل على الدواء ؟؟ وعندما دخلت البنتين الى المدرسة الابتدائية لم يسال عنا احد ، ماذا نحتاج وكيف ندبر امورنا ؟؟كان اخوال البنتين ، وفي بعض الاحيان عمهما الوحيد هم من كان يتكفل بمصاريف العائلة ، ودفع ايجار البيت ومصاريف المستشفيات ،واستمر هذا الوضع حتى بعد دخول( ر) الكلية ، حيث انها الان طالبة في المرحلة الثانية في كلية الادارة والاقتصاد / قسم العلوم المالية والمصرفية ، لم تتصل بنا أي جهة حكومية ، او أي منظمة من منظمات المجتمع المدني، لتسألنا عن متاعبنا واحتياجاتنا …ماذا نريد وماهي خططنا للمستقبل خلاصة الكلام :- لقد تركتنا الحكومة والمؤسسات الاخرى نواجه مصيرنا لوحدنا ، ولولا رحمة الله ومساعدة اخواني وعم البنات لسحقتنا الحياة الصعبة وربما ضعنا في متاهاتها الكثيرة حيث سمعت ان هناك عوائل ضاعت ونساء انحرفت نتيجة الظروف الظروف المادية والاجتماعية الصعبة اما نحن فقد سترنا الله … قمنا ببيع سيارة التكسي بعد سنتين من سجن ابو (ر) لأننا كنا بحاجة الى المال ، كما انها ظلت (واقفة) بدون استخدام ولم يستطيع زوجي التواصل مع الاخرين خارج السجن لمعالجة هذا الموضوع ،وهناك مشكلة ظلت تواجهنا الا وهي كلام الناس …فأنا اروح واجئ واسمي هو ( زوجة السجين او زوجة المحبوس )، كما ان بناتي يتعرضن للتجريح والتنمر خلال دوامهن في المدارس الابتدائية والمتوسطة والاعدادية وحتى الكلية المجتمع يعرفهن بأنهن ( بنات المسجون او بنات المجرم) ولا تستغربوا فأن بعض المعلمات و المدرسات كن يستخدمن هذه التعابير الجارحة مع بناتي …لم تقدم لنا المؤسسات الحكومية أي دعم في هذا المجال ولا المنظمات غير الحكومية التي تقول انها تدافع عن حقوق الانسان ، لم يحاول احد حمايتنا من هذا الاعتداء الذي الحق ضررا بنفسيتنا انا والبنات ، واحمد الله ان ابو( ر) قد خرج من السجن لان البنات اصبحت في سن الزواج ، واعتقد انهن سيواجهن مشاكل كثيرة في هذا العمر، اذ لا احد في منطقتنا يمكن ان يتقدم لخطبة بنت ابوها سجين ومتهم بالمشاركة في جريمة قتل ، واعتقد اننا سنواجه هذه المشكلة بعد حين .. اذ هل يمكن ان يتقدم احد لخطبة بنت (خريج سجون)
مؤسسات المجتمع المدني :-عملنا مع السجون يواجه عقبات كبيرة
قمنا بعرض التحديات والصعوبات والمشاكل التي واجهت عائلة السجين (ر .ص .ع)والذي قضى مدة 14 عاما نزيلا في قسم اصلاح الكبار ( السجن الاصلاحي) في مدينة الحلة على اثنتين من مؤسسات المجتمع المدني المهتمة بقضايا حقوق الانسان والسجون والوصول الى العدالة في محافظة بابل، العاملة مؤسسة معا لحياة افضل السيدة سهامة محمود القيسي قالت :- نحن نواجه مشكلة كبيرة تتمثل في ان بعض السجناء الذين تنتهي محكوميتهم ويتم الافراج عنهم ، يعودون الى عالم الجريمة مرة اخرى لشعورهم بالإحباط والنقمة وذلك لعدم الاهتمام بعوائلهم اثناء غيابهم وتنكر المجتمع لهم وعدم تقبلهم ووصمهم باسم ( خريج السجون او السجين السابق )، وعلى الرغم من ان قانون اصلاح النزلاء والمودعين رقم 14 لسنة 2018 يرتب لمنظمات المجتمع المدني دورا في متابعة احوال عوائل السجناء بغية تقديم العون، لها حيث تنص الفقرة( خامسا )من المادة الثالثة / اهداف القانون على :- (دراسة احوال اسر النزلاء والمودعين وتقديم المساعدة والعون لها لضمان عدم جنوحها بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة ومنظمات المجتمع المدني) ومع ان هذا النص القانوني الصريح واضح فأنني ارى ان منظمات المجتمع المدني لا تقوم بما يلزم لمتابعة احوال السجناء او عوائلهم وذلك لعدة اسباب من بينها صعوبة وتعقيد عملية دخول المنظمات المدنية الى السجون ، سواء كانت سجون رجال او سجون النساء ، لان هذا الامر يتطلب موافقات معقدة وصعبة جدا ، ولذلك فأن عدم لقاءنا بالسجناء والسجينات سيودي بالضرورة الى عدم معرفتنا بعوائلهم ، كما ان ادارة السجون لا تعطي اية معلومات عن السجناء وعوائلهم لا نها تعتبرها معلومات سرية ،وهو ما يجعل تقديم الخدمات لعوائل السجناء وخاصة في مجال الدعم النفسي والاجتماعي والاغاثي عمل صعب وغير منتج ، على الرغم من اننا قد نلتقي بأولاد وبنات السجناء خلال تنفيذنا للأنشطة في المدارس فنقوم بتقديم الخدمة لهم بشكل متميز، واردفت السيدة القيسي:- اننا ندعو وزارة العدل وادارتي اصلاح الكبار والاحداث الى التعاون مع المنظمات المدنية وتسهيل عملية دخولها الى السجون لتعزيز دورها في تقديم الرعاية والتوعية للسجناء ومن ثم التعرف على عوائلهم وزيارتها وتحديد المشاكل التي تواجهها وتيسير مراجعتها للدوائر الحكومية وخاصة دائرة الرعاية الاجتماعية للحصول على الحقوق والامتيازات المخصصة لعوائل السجناء لمعاونتها على تخطي الظروف الصعبة وضمان عدم جنوحها وارتكابها لا أخطاء اجتماعية قد تدفع رب العائلة السجين بعد خروجه من السجن الى الاحباط واليأس وربما العودة الى ارتكاب جرائم جديدة تقوده الى السجن مرة اخرى، في حين قال مدير جمعية بابل لحقوق الانسان علي عبد الشهيد السعيدي ان هناك تقصيرا واضحا فيما يتعلق بالجهود التي تبذلها المؤسسات الحكومية وخاصة في مجال خدمات الرعاية اللاحقة لعوائل السجناء التي يعاني معظمها من وضع اقتصادي سيء، حيث ينص البند ثانيا من المادة 58من قانون اصلاح النزلاء والمودعين رقم 14 لسنة 2018 (على قسم البحث الاجتماعي في دائرة الاصلاح دراسة احوال اسر النزلاء والمودعين والعمل المشترك مع هيئة الحماية الاجتماعية في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لشمول الأسرة بإعانة الحماية الاجتماعية وفقا للقانون ) على الرغم من وجود هذه الفقرة القانونية الواضحة والمحددة ، الا اننا وخلال بعض المقابلات واللقاءات مع عوائل السجناء وجدنا انها لم تحصل على أي متابعة ولم يقم قسم الاصلاح الاجتماعي في السجن بزيارتها ، كما انها تواجه صعوبات كبيرة عند مراجعتها لدائرة العمل والشؤون الاجتماعية واضاف السعيدي اننا ندعو وزارة العدل ودائرتي اصلاح الكبار والاحداث الى تفعيل مبدأ الرعاية اللاحقة بشكل حقيقي بما يتعلق بالسجين قبل اطلاق سراحه بمدة كافية عبر تقديم المعلومات والدعم النفسي له وتوجيهه اجتماعيا فيما يتعلق بكيفية تعامله مع الناس ومع عائلته بعد خروجه من السجن، وكذلك كيفية اندماجه في المجتمع وبشكل ايجابي وبطريقة تمنع عودته الى ارتكاب الجريمة ، وهو الهدف الرئيس من مبدأ الرعاية اللاحقة التي ، فيما لو تم الاهتمام بها بشكل صحيح فأنها تخدم السجين وعائلته ، وبقية افراد المجتمع كما تخدم الحكومة التي تصرف مبالغ كبيرة من اجل ادارة السجون .

السجون العراقية هل تراعي مفهوم الرعاية اللاحقة ؟(ر .ص .ع) شهادة حية .
(نافذة امل )هو الوصف الذي اطلقه (ر .ص. ع) على المقابلة التي اجرتها معه صحيفة الميزان حول مستويات مراعاة السجون العراقية بمفهوم الرعاية اللاحقة بغية مساعدة النزلاء على التكيف قدر الامكان مع البيئة الداخلية للسجون ، وتهيئتهم للتعايش مع البيئة الخارجية عند انتهاء محكوميتهم واطلاق سراحهم، وتقديم الدعم النفسي والمجتمعي لعوائلهم ، وهي الوسائل التي تهدف للحد من فرص عودة السجناء المطلق سراحهم الى ارتكاب جرائم جديدة تعيدهم الى السجن مرة اخرى .
بدأ (ر. ص. ع)كلامه بتقديم اعتراض جوهري على استقبال وتصنيف السجناء عند وصولهم الى السجن لأول مرة وهو التصنيف الذي يراه بداية خاطئة تلقي بضلالها على مجمل حياة النزيل داخل السجن وبعد خروجه بل وتؤثر على عائلته وعلى المجتمع كله اذ لا يوجد تصنيف جدي ومدروس ومخطط بشكل جيد حيث يتم ايداع السجناء بطريقة عشوائية لا تراعي خلفيتهم الاجتماعية ووضعهم النفسي والثقافي اذ يوضع المدانون في قضايا مخدرات مع المحكومين على جرائم قتل او زنا المحارم واللواط والفساد المالي والاداري ، هذه الطريقة خطرة وخاطئة لا نها تحول السجن في بعض الاحيان الى مدرسة صغيرة لتعلم فنون اجرامية مختلفة وقد رأيت بعيني بعض تجار المخدرات وهم يحاولون تجنيد نزلاء فقراء للعمل معهم ، هذه الطريقة تعقد عملية التأهيل وتجعل السجين يفكر بمستقبل اخر فيه طابع اجرامي واضحا بالنسبة لي ،عندما دخلت الى السجن ، عشت ازمة نفسية حادة ، كنت اشعر بانني مظلوم ومحاصر …كنت اشعر بتوتر شديد جدا لأ نني كنت افكر بطريقة كئيبة تظهر امامي صورة المستقبل الضائع ، والعائلة التي يمكن ان تتشرد وربما تنحرف .انا لم اكن رجلا غنيا ولم اترك لعائلتي موردا ثابتا يمكن ان يعيشوا منه فقط سيارة تكسي قديمة وكثيره الاعطال .انا اشعر بأن عائلتي قد ضاعت معي ، واعترف هنا بأنني كنت بحاجة الى دعم نفسي ولكنني لم احصل عليه ابدا ،ولأعترف لكم انني قد فكرت بالانتحار اكثر من مره وهذا ما فكر به قبلي اثنين من السجناء وشرعوا في تنفيذه فعلا، صنع احد النزلاء من ( فنايلته ) حبل وشنق به نفسه وكرر نزيل اخر المحاولة ولكن هذه المرة باستخدام (بجامة) ، لم احصل على أي دعم نفسي من الباحثين الاجتماعيين في السجن ، كنت أتألم بصمت، وفي بعض الاحيان ابكي بحرقة وصوت عال، وقمت مرتين او ثلاثة بضرب راسي بالحائط ،كانت مشاعري مختلطة بين التوتر الشديد او الانزواء المرضي، كنت لا اكلم احدا لا ارغب بالتواصل مع الاخرين تماما ،وهذا الامر استمر طوال مدة وجودي في السجن.
قال (ر. ص. ع)انتم سألتموني عن الستة اشهر ، او ثلاثة اشهر التي سبقت انتهاء محكوميتي وخروجي من السجن ،وهل تحدث معي احد الباحثين الاجتماعيين او النفسيين او احد الموظفين ؟؟؟
هنا اريد ان اقول شيئا يجب ان يعرفه كل من يسمع كلامي، وكذلك اريد ان يعرفه المسؤولين في وزارة العدل وادارة السجون :- وهو انني وبعد انتهاء مدة محكوميتي لم يتصل بي أي باحث نفسي او اجتماعي ، او أي موظف من موظفي السجن لكي يتحدث معي عما يجب ان افعل ، او كيف اواجه العالم الخارجي بعد ان قضيت 14 عاما في السجن، لا اخفيكم انا كنت فرحا لأنني سأخرج من السجن ، ولكنني في نفس الوقت كنت اشعر بالتوتر والقلق ،كنت بحاجة الى توجيه ودعم نفسي : كنت بحاجة الى أي نصائح تفيدني وترشدني لكيفية التعامل مع المرحلة القادمة من حياتي، وكيف اخطط للمستقبل ؟ بالمناسبة كنت اشعر ان الموظفين في السجن يخفون عني امر خروجي، وبصراحة فأنني في المدة التي سبقت اطلاق سراحي تعرضت للابتزاز كثيرا ، وبما انني اعرف بانتهاء محكوميتي فأنني كنت استجيب للابتزاز المادي ، اكرر عليكم :- بأنني وفي الايام العشرة ، او العشرين قبل الافراج فقدت الشهية الى الطعام ، كنت افكر بالمستقبل ولحضه الخروج ولقاء العائلة والاصدقاء ومشاهدة العالم الخارجي مرة اخرى ، وكيف اتعامل مع زوجتي وبناتي ؟ تركت ابنتي( ر) وهي في السادسة من العمر ، و(ف) وهي في الرابعة وهن الان في الجامعة وفي سن الزواج ،عندما افكر في هذا الامر كان جسمي يرتجف واشعر برغبة في التقئ كنت ابحث عن الدعم والنصيحة : تحدث معي بعض السجناء من اصحاب الخبرة وكبار السن .
في الليلة التي سبقت خروجي واطلاق سراحي ، استحممت بالماء البارد كالعادة ،كنت اتصور ان ادارة السجن ستعتني بي من باب الواجب ، او احترام القانون ، او احترام الانسانية فيعطونني ملابس جديدة وبعض المال ، ولكن الذي حدث هو انني (وضعت )في الخارج ،عند بوابة السجن الخارجية ،بنفس ملابس السجن البرتقالية ،حيث جاء اخواني واصطحباني : لم اعط أي مبلغ من المال : في الحقيقة هذا الامر اثر في نفسيتي كثيرا ، كنت اعتقد بأنني بحاجة الى رعاية واهتمام اكبر من دائرة السجن : صحيح انني مدان بارتكاب جريمة ولكني كنت بحاجة الى من يفهمني كل شيء عن الحياة المستقيمة : انا كنت اهتم بالنصائح الدينية ولكنني احتاج الى نصائح قانونية وكلمات عن المستقبل والتخطيط له ، وكيفية مواجهة العالم الجديد ،لم احصل على هذه الامور وهو ما اثر بي كثيرا (وظهر معي )في الايام التي تلت خروجي من السجن : اخذني اخواني (ح وق) الى بيت احد اصدقائهم ،هناك استحممت بماء ساخن وصابون ديتول، اشتروا لي جاكيت وقميص وبنطال وملابس داخلية وحذاء وجوارب جديدة ،كما اكلت وجبه شهيه لم احصل على مثلها طيلة وجودي في السجن : بعد ذلك بدأت رحلتي المنتظرة الى بيت اهلي ، كنت انظر الى الاشياء والشوارع والبنايات والسيارات والاشجار والناس وكأنني اراها لأول مره : كنت فرحا ومرعوبا ، واشعر بأنني سيغمى علي من القلق والتوتر والفرح والترقب .
لم يقل لي الباحثين الاجتماعيين و النفسيين او احد موظفي السجن أي شيء عن ما يمكن ان ارى او اشعر : شعرت بالصدمة ،فقدت الوعي عندما عانقت زوجتي وبناتي بعد ذلك بكينا كثيرا : كنت اشعر بالغربة : من انا ولماذا كل هذا البكاء؟ ولماذا كل هذا الضحك؟ بقيت في البيت 5 ايام استقبل الضيوف والمهنئين .
خلال الاسبوع الاول من خروجي من السجن اصبت بالأرق الشديد : وعندما كنت انام عند الفجر استيقظ مرعوبا استعدادا للتعداد الصباحي ، بعدها كنت اغرق في نوبات بكاء شديدة لا سباب لا اعرفها : كنت احاول ان لا يعرف احد بما اشعر به، هنا انا اعتقد ان الباحثين النفسيين في السجن كانوا يعرفون بعض هذه الامور : او ما سيشعر به السجين بعد اطلاق سراحه من توتر وقلق : وكانوا بإمكانهم ان يقدموا النصائح في هذا المجال لي ولغيري بعد ذلك كنت اشعر بنحول شديد ، وعلى الرغم من أنني خارج من السجن للتو الا انني اصبت بنكسة نفسية تمثلت في رغبتي بالبقاء في غرفة نومي على ان يتم (تظليم ) الغرفة واطفاء النور ووضع ستارة إضافية .
امر اخر حدث لي ولم يحدثني احد عن احتمال وقوعه بعد خروجي من السجن، وهو انني قد فشلت في اقامة علاقة جنسية مع زوجتي ،لم افقد الرغبة ولكنني عجزت عن اتمام العملية ،وقد استمر هذا الامر لا كثر من 6 اشهر ، شفيت مؤقتا من العجز ولكنه اصبح يعود لي بين فترة واخرى ،وعلى الرغم من تفهم زوجتي للأمر الا انني اصبحت عصبيا عندما اخلو بها ، لم اكن اعرف الاسباب وعندما راجعت الطبيب النفسي بعد الحاح زوجتي، قال بأنني اعاني من صدمة ما بعد الافراج ،لقد سمعت بهذا المصطلح لأول مرة من الدكتور (أ . ل) ولم يخبرني احد في السجن عن هذا الامر ، لذلك فأنني وعن طريقكم ادعوا وزارة العدل وادارة السجون الى اقامة دورات نفسية للسجناء الذين سيطلق سراحهم قريبا ،وعندما قلت للطبيب انني كنت سجين وانتهت مدة محكوميتي ،اخبرني عن تجربة تنفذ في بعض الدول لتقديم الرعاية الى السجناء المفرج عنهم وهذه التجربة تسمى (بيت منتصف الطريق )وتتمثل في قيام الدولة لتأسيس مكان ، يسمى ببيت منتصف الطريق يوضع فيه السجناء الذين قضوا فترات طويلة في السجن قبل رجوعهم الى عوائلهم : يقضون في البيت فترة قد تصل الى شهرين كاملين ، حيث يتم خلال هذه المدة تقديم الدعم النفسي لهم واعطائهم الخبرات الازمة لمواجهة العالم الجديد وكيفية التعامل معهم بطريقة صحيحة تساعدهم على الاندماج في مجتمعاتهم وجعلهم يبتعدون عن ارتكاب الجرائم مرة اخرى والتعرض لخطر العودة الى السجن ،ونحن في العراق بحاجة الى نقل هذه التجربة والاستفادة منها لان هناك الكثير من السجناء الذين يطلق سراحهم يعودون الى السجن مرة اخرى ، ليس لانهم موغلين في الاجرام ، او انهم مجرمين بطبعهم ، ولكن (هذا رأي) لانهم كانوا مضطربين نفسيا ويشعرون بالتوتر والقلق والحاجة الى الرعاية ، عندما لا يجدون هذه الرعاية فأنهم يصابون بالانتكاس النفسي والشعور بالإحباط واليأس ، حيث يشعرون بأن المجتمع يكرههم ويرفضهم ، وهذا الشعور ربما يكون صحيحا او غير صحيح ، ولكنهم يشعرون به بشكل كبير فيصابون باليأس ، وتزداد المشكلة خطرا ، عندما لا يجدون فرصة عمل او يتم رفضهم من قبل بعض اصحاب الاعمال ، وعندما يعجزون عن اعالة انفسهم او اعالة عوائلهم في حالة امتلاكهم لعوائل عندئذ يلجؤون الى الطريق الصعب والخطر وغير الصحيح ، يرتكبون جرائم بسيطة او مخالفات ، هذه الاخطاء قد تكون مفروضة عليهم وفي هذه الحالة يكون السجن بانتظارهم مره اخرى ،بالنسبة لي انا ارفض هذا المصير ، على الرغم من تأخر حصولي على عمل ،كما ان زوجتي اضطرت لبيع سيارة البيجو التي كنت امتلكها بعد دخولي الى السجن بثلاث سنوات ،اذ كانت بحاجة الى المال وهذا من حقها حيث لم تسأل عنها الحكومة لم يقم احد من ادارة السجن او الباحث الاجتماعي بزيارتها ، كما ان منظمات حقوق الانسان ، او المنظمات النسوية او الدينية لم تقم بزيارة عائلتي ، ولكنني حصلت على عمل بسيط اذ دعاني اخي الى ان ادير ورشة النجارة الصغيرة التي يمتلكها كان يعطيني 20 الف دينار يوميا فأنقذني من الجوع ،وارى ان على الدولة ووزارة العدل بالتحديد وادارة السجون ان تساعد السجناء الخارجين من السجن في الحصول على عمل بأسرع وقت ممكن لان هذا الامر سيحميهم من ان يكونوا عالة على الاخرين ،كما انه سيساعدهم على نسيان الماضي والاندماج في المجتمع مره اخرى ،كما ان على الحكومة ان تزور عوائل السجناء عندما يكون رب العائلة في السجن حتى يشعر السجين بأن هناك من يرعاه ويحافظ على مستقبله ( وعرضه )وانا عندما خرجت من السجن وعرفت بأن احدا لم يسأل على عائلتي شعرت بغضب شديد وتوتر هذا الامر غير صحيح ،كيف تنسى الحكومة عوائل السجناء : عائلتي كانت تسكن في بيت مؤجر وانا بلا راتب ولم تدفع الحكومة أي مبلغ الى زوجتي ، ولو بصفة مساعدة لكي تساعدها على دفع الايجار ، كما ان الحكومة لم تساعد اسرتي في نفقات الدراسة هذا الامر (عيب) ولا يصح ، اذ سمعت ان دول العالم المتقدمة ترعى عوائل السجناء وترسل لهم من يساعدهم على انجاز معاملاتهم ، وقد تدفع لهم ايجار بيوتهم ومصاريف العلاج والدراسة ، وتساعد اولادهم على اختيار الدراسة والكليات المناسبة .
قال (ر. ص. ع) بحرقة ان الدول المتقدمة تتحول الى اب لعائلة السجين حتى يخرج الاب الحقيقي من السجن وهذا لا يحدث في العراق نحن في العراق نحصل على الكلام السيء (والصيت) حيث اخبرتني زوجتي بأن الناس وحتى المختار ووكيل الغذائية يسمونها ( زوجة السجين ) او زوجة المسجون وغالبا ما ترافق كلماتهم تلك كلمة ( خطية ) بل ان زوجتي قالت لي يوم من الايام امرا خطيرا لم اكن اريد ان اذكره امامكم : ولكنكم فتحتم الجرح ولا بد ان اتكلم ، حيث اخبرتني بأنها وعندما كانت تراجع احد المستشفيات لعلاج السوفان عرف الموظف الصحي بأن زوجها مسجون اخذ يحدثها بطريقة غريبة وغير مريحة حتى اضطرت الى ترك العلاج : هذا الامر غير مقبول ولولا خوفي من الله والحاح زوجتي لبحثت عن ذلك الموظف وعاقبته بشدة ،كيف يحدث هذا الامر ؟؟ المجتمع يجب ان يحمي عائلة السجين ويقدم لها المساعدة ،ولكن زوجتي اضطرت ورغم الظروف الصعبة ان تترك البيت لا كثر من مرة وتؤجر في مكان اخر لان الناس لا يرحمون ،ببساطة المجتمع لا يرحم ، وفي الكثير من الاحيان يتنمر على عوائل السجناء والسجينات ويعاملها بقسوة غير مفهومة وغير مبررة في الكثير من الاحيان ، وبما ان تلك العوائل لا تحصل على أي دعم نفسي او أي خدمة اجتماعية او مساندة مادية فأنها تصبح امام خيارات محدودة ،فأما ان تلجأ الى الانكفاء والانزواء والابتعاد عن الناس بطريقة غير صحية وهذا امر سلبي يعرض العوائل الى مشاكل اجتماعية واقتصادية ويحرمها من ممارسة حياتها بشكل طبيعي مثل كل الناس ، اما الخيار الثاني فهو ان لا تصمد تلك العوائل وتقع ضحية الانحراف والابتعاد عن الطريق القويم ،وانا لاحظت بنفسي بعد خروجي من السجن بعض العوائل التي ضاعت الى الابد ،كما انني اعرف زوجة احد السجناء الذين كانوا معي والتي تعمل في معمل في منطقة نادر وهي (مديونه ) بمبالغ كبيرة جدا لا تستطيع سدادها ،والناس يتحدثون عنها بشكل سيء وغير مريح ، لذلك انا ادعو الحكومة الى وضع برنامج لرعاية ودعم عوائل السجناء يمكن ان يشارك فيه المخاتير وشيوخ الجوامع وحتى منظمات حقوق الانسان .واضاف (ر. ص. ع) انا لم اكن في يوم من الايام شخصا عبثيا لا يلتزم بالأخلاق ،صدقوني كنت اميل الى الهدوء وعدم الرغبة في خلق المشاكل ،وهذا المعروف عني في المنطقة كما انني شخص احب الدين والاخلاق وأوأدي الفرائض الدينية بشكل منتظم ولكن الظروف اللعينة والصعبة هي التي قادتني الى السجن ، لا فائدة الان من ان اقول انني برئ او مذنب ، الذي حصل قد حصل واضاع من عمري اربعة عشر عاما وانا الان اسعى الى العيش بهدوء واريد المساعدة من الحكومة وكذلك من الناس واللذين يجب ان يفهموني، اعترف انني رجل عصبي المزاج واقوم ببعض التصرفات العنيفة وغير المقبولة مع عائلتي ومع العمال في ورشة اخي ،ولكني اتندم بعد كل تصرف عنيف واحاول التخلص من هذه الصفة المذمومة ،لا يوجد (طريق) او دائرة حكومية تقدم المساعدة النفسية للسجناء الذين انتهت محكوميتهم ، اقصد تقدم لهم خدمة مجانية بدون ان (تفضحهم ) حيث انني ، وهذا من حقي اريد ان لا يعرف جميع الناس بأنني كنت في السجن ، يجب ان بفهم الاخرين بأنني اريد ان انسى هذه المرحلة من حياتي وارجع مثل الناس ، كان يجب عليهم ، اقصد ادارة السجن ، ان تتحدث معنا في هذه الامور مثلما يحدث في دول العالم الاخرى ، وهو ما رأيته في الانترنت وفي احد البرامج التلفزيونية ، اذ انهم يعاملون السجين بطريقة مختلفة ويقدمون لهم نصح والارشاد النفسي ويقولون له بشكل واضح ومحدد ماذا يفعل وكيف يتصرف في الايام او الاشهر التي تسبق اطلاق سراحه وكذلك في الفترة بعد اطلاق سراحه وعودته الى اهله ليعيش مع الناس .
الان انا بدأت من الصفر ، لا املك بيتا او عملا منتظما واعتقد ان من حقي ان احصل على المساعدة من الحكومة ، وخاصة وزارة العدل ودائرة الاصلاح ، اذا كانت لا تريد للسجناء الذين انتهت محكوميتهم واطلق سراحهم ان يعودوا الى الجريمة والسجن ولكن الحكومة لا تقوم بالأشياء التي تصلح حال السجناء القدامى، وتجعلهم يعيشون حياة كريمة ، ولا يفكرون بالأجرام او العودة الى السجن وهذا مهم وضروري ، اقصد الظلم الذي يتعرض له السجين يبدأ منذ البداية فأننا كنا في السجن ، وانا اقول هذا او اشعر بالرضا عن نفسي ،فأننا كنا نشعر بأن ادارة السجن لا تريد اصلاحنا ، او سأقول هذا الشيء بطريقة اخرى ، ان بعض العاملين في السجن من الموظفين لا يريدون اصلاحنا ، بل كانوا يهينونا ويذلونا ويقومون باستغلالنا وينسون رعايتنا نفسيا واجتماعيا وهذا الامر كان موجودا حتى في الاشهر التي تسبق اطلاق سراحنا ، وكذلك بعد انتهاء محكوميتنا وعودتنا الى الحياة الطبيعية.

The Iraqi prisons… Do they protect the rights of inmates in post-care?
The phone of the “Legal Balance Newspaper” rang. The speaker on the other end was a lady who identified herself as a female doctor and expressed her desire not to disclose her name. She suggested that one of the journalists working for the Legal Balance Newspaper conduct an interview with the citizen (R.S.A), whose documented tendencies towards severe and unjustified violence against his close ones, including his small family consisting of a wife and two daughters: (R), born in 2004, and (F), born in 2007. The female doctor, who clarified that she had been providing treatment to (R.S.A)’s wife, added: Since (R.S.A) was released from prison four months ago, there is concern that his poor mental state and inability to overcome the difficulties commonly faced by those recently released from prison might push him back into committing illegal acts, leading to his return to prison.
(R.S.A) provides crucial testimony for the Legal Balance.
Two days after contacting the female doctor, the editor-in-chief of the Legal Balance Newspaper, along with journalist (Hanin Jabbar), one of the editors and social researchers working for the newspaper, provided psychological and social support, typically accompanying the free legal services offered by the “Legal Consultations” section of the Legal Balance Newspaper. They conducted a three-hour interview with the recently released prisoner (R.S.A). (R.S.A) was a man in the early forties, born in the southern city of Al-Hilla in 1982. He was tall, with a full body, and his precise and calm facial features did not indicate any signs of a violent or aggressive nature. At the beginning of the interview, (R.S.A) hesitated to speak about his experiences in prison and after his release. However, he later became more open when he learned about the nature of our work and our interest in understanding the extent to which Iraqi prisons respond to implementing the concept of “post-care” for prisoners. This care is supposed to commence upon the entry of the prisoner into the correctional institution and continue after their release. Additionally, it involves providing psychological support, social assistance, and material support to him and his family while serving his sentence to reduce the likelihood of him committing new legal violations that might lead him back to prison.
The interview proved to be significant, as (R.S.A) described it (and here we quote him verbatim): “as the real opportunity he had to unleash the pains, fears, and unsettling residues inside him that deprived him of peace and sleep not long ago. It led him to strange practices he used to reject before. He admitted to having transformed into a tense and moody person who treated others, including his family, with violence and cruelty.” (R.S.A) described our interview with him as crucial psychological support, likening it to a “window of hope.”
(R.S.A) began the interview with a strong desire to speak to the social researcher. Despite not knowing a clear reason justifying his harsh and cruel behavior towards those working with him, his friends, and his small family, which could no longer endure his violence and cruelty, forcing them to seek help from the Family and Child Protection Department due to domestic violence. The most important truth identified by the researcher during her in-depth dialogue with (R.S.A) is that his inability to socially integrate, his violent behavior, psychological tension, feelings of insecurity, and lack of trust in others may be attributed to the effects of spending 14 years of his life as an inmate in the adult rehabilitation section of Al-Hilla Prison, operated by the Ministry of Justice. The Iraqi judiciary sentenced him to negative penal servitude after convicting him under Iraqi Penal Code No. 111 of 1969, as the Iraqi judicial system believed that imposing this penalty on (R.S.A) could act as a deterrent for him and others, preventing them from committing further crimes.
Imprisonment between the dilemma of punishment and the desire for rehabilitation
Dr. Jafar Abdul Amir Yassin, a professor of criminology and punishment at the College of Law, University of Babylon, and the author of the book “Prisons: A Historical, Legal, and Social Study,” expressed his views during an interview with the team from Al-Meezan newspaper at his home. He stated, “Crime is a global social phenomenon that has existed in societies as long as humans have been on Earth. No society, regardless of its level of advancement, is free from it. Crime has made significant strides in criminal policy. Since there are crimes committed, punishment is necessary, including the negative penal deterrence of freedom, such as detention and imprisonment.”
Dr. Jafar Yassin added, “The nature of the prison environment and its proximity to the free external environment depend on its consideration of the principle of ‘post-care,’ as stipulated in the applicable laws. This is achieved through the provision of social, psychological, and material care for the prisoner during their time in prison and after their release, as well as for their family. This ensures their integration into society and prevents them from committing new crimes that would lead them back to prison. This is related to the prison institution’s understanding of punishment, whether as a means of revenge or as a means of reform and rehabilitation.”
He outlined two different schools or philosophies that offer different understandings of the formulation of the prison environment and how to deal with prisoners: the Custody and Control School and the Rehabilitation and Treatment School.
The Custody and Control School sees the convicted prisoner as inherently violent and aggressive even before entering prison. According to this school, any previous or subsequent rehabilitation programs applied in prisons that attempt to approximate the prison environment to the free environment in society are considered unsuccessful. The school believes that the criminal nature of the prisoner prevents them from adopting behavior other than what they were accustomed to before entering prison. Therefore, the prisoner must be forced to comply with boundaries and red lines, receiving harsh and rough treatment to ensure they learn a lesson they will never forget. This approach aims to prevent the prison term from becoming a recreational walk but rather a painful and lasting experience that leaves its mark on the prisoner’s current and future personality.
On the other hand, the Rehabilitation and Treatment School believes that the failure of rehabilitation programs in prisons is due to their slowness and inability to evolve and benefit from successful global experiences. The traditional and outdated thinking within prison management can be a reason for prisoners not enjoying their basic rights, including the right to post-care for themselves and their families. This lack of care makes prisoners more prone to rebellion and violence against themselves and others, increasing the likelihood of psychological illnesses resulting from arbitrary, coercive, and organized oppression. The school argues that prisoners’ inability to positively participate and integrate into society is attributed to what is known as the “release crisis.” It also depends on the nature of society and how it deals with individuals released from prisons, as well as their families during their time in prison. This requires activating the principle of “post-care,” which typically consists of several rights, including:Monitoring the prisoner’s family and inquiring about its financial and social conditions.Providing suitable housing and ensuring the continuity of the prisoner’s children in their studies to understand their academic levels and future choices.Monitoring the economic interests of the prisoner and arranging relationships with individuals and institutions to ensure and develop those interests.Offering psychological support to the prisoner before their release to enable them to overcome the release crisis, facilitate their integration into society, prepare them for transparent, rational, and non-violent dealings with the societal challenges they may face.Facilitating their re-engagement in the job market.One of the main outcomes of post-care is assisting the released prisoner in not returning to committing unlawful acts by supporting their psychological building and refining their violent behavior. This approach is embraced by the Rehabilitation and Treatment School.
Dr. Alaa Abdul Hassan Al-Anzi, a professor of political systems at the College of Law, University of Babylon, expresses that human societies have historically faced crime solely through punitive measures, neglecting the evaluation, reform, and treatment of the criminal individual. Punishment alone remained the first and last method to deter criminals and address crimes over long periods. However, particularly in the last century, significant seeds of a major reform movement emerged, shifting towards rehabilitating the criminal rather than punishing them. Therefore, the Iraqi prison institution should align itself with the reformative/social model when dealing with prisoners and detainees, aiming to bring prisons closer to their social function and reduce the gaps between the closed prison environment and the free external environment. This can provide prisoners with genuine opportunities for reintegration into the community after serving their sentences and lead normal lives again.

The prison environment shapes the psychological characteristics of the inmate’s personality (R.S.A).
After leaving the adult rehabilitation section in Al-Hilla, R.S.A resumed his old profession as a skilled carpenter, sought after by the wealthy to furnish their homes and offices. Despite his success, there was a serious problem in R.S.A’s practical life – his inability to adapt to his surroundings. He treated the workers in his brother’s carpentry workshop with extreme cruelty. Jafar, one of the workers in the gem workshop managed by R.S.A, said: “Our professor beats us regularly, and on one occasion, he caused serious head injuries when he threw a hammer at me. Several workers left the workshop because our professor was beating them. He often shouted and cursed at all of us. Many times he treated us like prisoners in a cell and would beat us using a plastic tube (a sand-filled hose) he made himself.”

Al-Meezan newspaper presented R.S.A’s case file to psychological consultant Widad Salman, the director of the Aman Center for Psychological Counseling. She explained that when a prisoner initially enters a closed prison building, they are often overwhelmed by feelings of fear, a sense of constant injustice, and anticipation of harm from others. These serious psychological problems can persist for a long time, even after leaving prison and returning to free life, where the prisoner, in this state, is under the influence of what psychologists call the “release crisis.” They need psychological and social rehabilitation to help them adapt to their new life.

Psychological specialist Aliya Kareem, working in a health institution in Al-Hilla, believes that the long prison term and the lack of psychological expertise among prison staff to contain anxiety, agitation, dissatisfaction, and the continuous tendency of prisoners towards violence will inevitably lead to the prisoners experiencing complex psychological disorders. These issues continue into the post-release period, where the prisoners lack the ability to cope with the effects of post-release shock. In R.S.A’s case, the turbulent prison environment, the possibility of the administration resorting to direct punitive solutions, and not understanding his needs and objections in a thoughtful manner led to the emergence of negative aspects in his personality. He turned into a hostile person, and this behavior persisted even after his release from prison. This explains his hostile behavior towards his wife, daughters, and those working with him. Moreover, he suffers from a negative recall of old memories from prison, leading him to treat the workers in his workshop, at times, as if they were prisoners in a cell. He exposes them to some violent and humiliating situations as a simple retaliatory measure for what he suffered during his time in prison. It is a form of “self-satisfaction” with a pathological character that undoubtedly requires careful treatment.
Post-care is a right guaranteed by law
To determine the position of Iraqi law regarding prisoners’ right to “post-care,” Al-Meezan newspaper met with a member of the Iraqi Lawyers Association and the head of the Lawyers Syndicate in Babylon, Lawyer Ehsan Falah Al-Hikali. He affirmed that post-care for prisoners is one of the rights guaranteed by the applicable laws for inmates during their time in prison or after serving their sentences and being released. Article 1, paragraph 10, of Law No. 14 of 2018, the Rehabilitation of Inmates and Detainees Law, defines post-care for prisoners as: “The care of the detainee or inmate after the completion of their sentence to ensure their integration into society, prevent them from relapsing into crime, and serve as a complementary measure to the rehabilitation of the penal institution. It is a practical means to guide, direct, and assist the released person in meeting their needs, stabilizing their life, and integrating and adapting to their community upon their return to the external society from which they were absent due to the period spent in prison. The care of the released person carries significant humanitarian and social importance in the success and continuity of social rehabilitation, achieving the goals of modern punitive policy to ensure the protection of society from the risks of the criminal returning to crime.”
The legal position related to the principle of post-care was clarified by the head of the Criminal Justice file at the Human Rights Commission in Babylon, Emad Kazem Hassan. He stated, “Post-care is an essential right of inmates and detainees in prisons and their families that must be protected during their sentence or after their release.” He added that post-care is the logical extension of the punitive system applied within prison institutions. The goals of post-care play a fundamental role in complementing the rehabilitation programs applied to convicts during their sentence and after their release from prison. This is confirmed by Rule 106 of the United Nations Standard Minimum Rules for the Treatment of Prisoners, emphasizing the need to take special care to maintain the relationship between the prisoner and their family as much as possible, and Rule 108, which highlights the responsibility of government or private agencies assisting released prisoners to provide them with the necessary documents and identity papers, suitable housing, and appropriate work. These agencies should also ensure that released prisoners have sufficient means to reach their destination and secure their living during the immediate period after their release.
In conclusion, the primary goals of post-care include preparing the community structure to accept the released prisoner, caring for the prisoner’s family during their sentence, building the capacities of the released person as much as possible before leaving the penal institution in terms of psychological, professional, educational aspects. It also aims to work towards reducing the likelihood of relapse into crime by supporting the psychological well-being of the released person and ensuring their integration into society while investing in their potential.
Lawyer Hassan Hakmat Bahjat emphasized that the concept of post-care is a means to save society from possible and more dangerous crimes than the initial offense. The criminal, in their first crime, is not accustomed to a life of crime, is more anxious, and less eager to escape punishment. After their release, they will possess dangerous criminal experience. The duty of the government is to restrain and not give the released person the opportunity to commit another crime with greater expertise. This can only be achieved through post-care, where reformative institutions play a role in narrowing the gap between the life of the prisoner inside the reformative institution and normal life outside the prison to prevent them from experiencing severe psychological shocks that make them incapable of social integration. Families of prisoners and the absence of post-care and community support
Al-Meezan newspaper visited the family of the recently released prisoner, R.S.A., in the presence of R.S.A., his wife Z.J.K., and their two daughters, R. and F. According to Z.J.K., when they got married in 2002, R. was in his twenties, while she was a minor at the age of seventeen. They were blessed with their first daughter, R., in 2003, and F. joined the family in 2005. Despite their limited financial resources, they led a quiet life. R. owned an old and frequently malfunctioning Peugeot taxi.
The family faced a tragedy in 2009 when R. was sentenced to 14 years in prison. Z.J.K. described the challenging circumstances they endured, living in a rented house with no financial support after R.’s departure. At that time, R. was six years old, and F. was four. Z.J.K. tearfully recounted that during the 14 years of R.’s imprisonment, neither the government nor any civil society organization inquired about their well-being—no questions about their food, drink, or access to medication.
When the daughters started elementary school, no one asked about them either. The family relied on the girls’ uncles and occasionally their only surviving uncle to cover expenses, rent, and hospital bills. This continued even after R. entered college. Currently in her second year studying Financial and Banking Sciences at the College of Administration and Economics, the government or any civil society organization has not contacted them to inquire about their difficulties and needs.
In summary, the government and other institutions left them to face their destiny alone. Without the mercy of God and the assistance of their relatives, life’s hardships might have overwhelmed them. Z.J.K. shared that they had to sell the taxi two years after R.’s imprisonment due to financial needs. Moreover, her husband, unable to communicate with others outside the prison, couldn’t address this issue. The family faced the stigma and gossip of being associated with a prisoner.
Z.J.K. expressed frustration, stating that she is often identified as “the wife of the prisoner” or “the wife of the detainee.” Her daughters, during their school years, faced mockery and bullying, labeled as “the daughters of the criminal” or “the daughters of the prisoner.” Some teachers used derogatory terms, affecting the girls’ self-esteem. Government institutions and human rights organizations, claiming to defend human rights, provided no support in this regard. No one attempted to protect them from the psychological harm they endured. Fortunately, R. has been released from prison, but challenges persist, especially as the daughters approach marriageable age. Z.J.K. anticipates difficulties in finding suitable suitors due to societal prejudices associated with having a father who was incarcerated and accused of involvement in a murder. She believes that being the daughters of a “prison graduate” might pose challenges in their future. Challenges facing civil society institutions in dealing with prisons
Two civil society institutions, Ma’a Lil Hayat Afdal (Towards a Better Life) and Babil Human Rights Association, shared their experiences in working with prisons and highlighted significant obstacles. Suhama Mahmoud Al-Qaisi, the representative of Ma’a Lil Hayat Afdal, pointed out a major problem: the reintegration of released prisoners into society. She explained that some ex-convicts return to a life of crime due to feelings of frustration and resentment. The lack of attention to their families during their absence, societal rejection, and stigmatization as “prison graduates” contribute to these challenges.
Despite the Rehabilitation and Detention Reform Law No. 14 of 2018, which assigns civil society organizations a role in monitoring the conditions of prisoners’ families and providing assistance, the practical implementation faces several hurdles. Al-Qaisi stated that accessing prisons, whether male or female, is a complex and challenging process requiring intricate approvals. This hinders civil society organizations from meeting prisoners and, consequently, understanding the needs of their families.
Moreover, prison administrations do not disclose information about prisoners and their families, considering it confidential. This secrecy makes it difficult to offer services, especially in the realms of psychological, social, and relief support. While the organizations may encounter the children of prisoners during school activities and provide distinctive services, the lack of direct access to prisoners hinders a comprehensive understanding of their families’ situations.

Al-Qaisi called on the Ministry of Justice, the Directorate of Adult Rehabilitation, and the Directorate of Juveniles to collaborate with civil society organizations. She urged for the facilitation of their entry into prisons to enhance their role in providing care and awareness to prisoners. This includes recognizing their families, visiting them, identifying the problems they face, and facilitating their interactions with government departments, especially the Social Welfare Department, to ensure they receive their rights and privileges.
Ali Abdul Shahid Al-Saedi, the director of Babil Human Rights Association, echoed similar sentiments. He criticized the clear shortcomings in the efforts of government institutions, especially in post-care services for prisoners’ families, most of whom suffer from poor economic conditions. Despite the explicit provision in Article 58(2) of Law No. 14 of 2018, stating the responsibility of the social research department in the rehabilitation sector to study the conditions of prisoners’ families, collaborate with the Social Protection Authority, and provide social protection assistance, Al-Saedi highlighted the lack of follow-up.
The plea from civil society organizations is for the Ministry of Justice and the prison administrations to actualize post-care principles concerning prisoners before their release. This includes offering information and psychological support, guiding them socially on how to interact with people and their families after leaving prison, and ensuring positive integration into society. Properly implemented post-care benefits not only the prisoners and their families but also serves the government by preventing reoffending and, consequently, reducing the financial burden of managing prisons. Post-care in iraqi prisons: a personal testimony
In a live testimony, the individual (R.S.A.) shared his experiences with “Nafithat Amal” (Windows of Hope) regarding the implementation of post-care principles in Iraqi prisons. He emphasized the importance of helping inmates adapt to the prison environment, preparing them for reintegration into society upon release, and providing psychological and social support for their families. These measures aim to reduce the likelihood of released prisoners returning to a life of crime.
R.S.A. began by expressing a fundamental objection to the reception and classification of prisoners upon their initial arrival in prison. He argued that the current classification is flawed and has a detrimental impact on the overall life of the inmate within the prison and beyond. The random and unconsidered placement of prisoners fails to account for their social background, psychological condition, and cultural context. This flawed approach results in a dangerous environment within the prison, sometimes resembling a small school for learning various criminal activities.
He recounted his own psychological crisis upon entering prison, feeling unjustly treated and trapped. The lack of proper classification exacerbated his distress, and he vividly described the intense tension, silent suffering, and occasional outbursts of emotion during his time in prison. The absence of support from social workers and psychologists within the prison left him feeling isolated, and he even contemplated suicide on multiple occasions.
When discussing the six months leading up to his release, R.S.A. highlighted a critical lapse in the prison’s post-care efforts. Despite the importance of this period in preparing individuals for life outside prison walls, he revealed that no social or psychological researcher, nor any prison staff, reached out to him. He stressed the need for guidance and support during this transitional period, as he faced the challenges of reintegrating into society after spending 14 years behind bars.
R.S.A. acknowledged feeling a mix of emotions, including joy at the prospect of leaving prison but also anxiety about the unknown future. He expressed the need for psychological support and advice on how to navigate the post-release phase. The lack of communication from prison staff heightened his sense of isolation, leading him to experience blackmail from fellow inmates who knew about his impending release.
His testimony shed light on the critical importance of post-care services in prisons, urging authorities to address the flaws in the current system. The personal account emphasized the profound impact that proper post-care can have on an individual’s successful reintegration into society, ultimately contributing to a reduction in recidivism. Challenges after Release a plea for support
In the night preceding my release, I found myself in a familiar routine—taking a cold shower, anticipating that the prison administration would fulfill their duty and provide me with new clothes and some money. However, to my dismay, I was escorted outside the prison gates wearing the same orange prison attire. My brothers came to pick me up, and I received no financial assistance. This had a profound impact on my psyche. I believed I needed more care and attention than the prison could offer. I longed for understanding about the straight path in life and sought advice beyond religious guidance.
My initial days outside prison were a stark contrast to what I had imagined. I was taken to a friend’s house, where I experienced the luxury of a hot shower and was provided with new clothes, a jacket, shirt, pants, underwear, shoes, and socks. I enjoyed a delicious meal, a stark departure from prison life. However, the absence of financial aid left me emotionally affected. I felt the need for greater support and guidance on how to navigate the new world, face the future, and plan for it. The lack of communication from social workers or psychologists during this transitional period left me feeling isolated.
During the first week of my release, I suffered from severe insomnia, waking up anxiously at dawn, as if expecting the morning headcount. I experienced episodes of intense crying without apparent reasons. Despite my attempts to hide my feelings, I struggled internally. I even developed a psychological setback, an inclination to stay in my bedroom, with dimmed lights and an extra curtain.
One aspect that surprised me and no one warned me about was my difficulty in establishing a sexual relationship with my wife. This issue persisted for six months, leading to frustration and occasional nervousness. The term “post-release shock” was introduced to me by a psychologist I consulted, a condition I had never been informed about during my time in prison.
I urge the Ministry of Justice and prison management to organize psychological workshops for soon-to-be-released inmates, helping them cope with the challenges of post-release life. I also learned about a successful international practice called “Halfway House,” where individuals spend a period of time receiving psychological support before returning to their families. I believe implementing a similar system in Iraq could prevent relapses into criminal behavior.
I managed to secure a small job at my brother’s carpentry workshop, saving me from hunger. However, the government needs to assist released inmates in finding employment promptly to prevent them from becoming burdens on others. Moreover, I emphasize the importance of government visits to inmates’ families, providing financial aid for rent, education, and healthcare.
I share my story in the hope that it will shed light on the challenges faced by released prisoners and encourage the government and relevant authorities to improve post-release support systems. Every released individual deserves a chance at a new beginning, and with the right support, they can reintegrate into society successfully.
The person (R.S.A) expressed with great emotion that advanced countries become like fathers to the families of prisoners until the real father is released from prison, but this does not happen in Iraq. In Iraq, they face negative comments and a bad reputation. His wife informed him that people, including the local leaders and the food agent, refer to her as the “prisoner’s wife” or the wife of the convict. Often, the term “sinful” accompanies their words. His wife shared a serious incident with him, where a healthcare employee at a hospital, upon learning about her husband’s imprisonment, treated her in a strange and uncomfortable manner, leading her to abandon medical treatment.
This situation is deemed unacceptable, and the speaker expressed his frustration. Despite challenging circumstances, families are often forced to leave their homes and seek shelter elsewhere due to societal judgments. The society, at times, tends to be harsh and unmerciful towards the families of prisoners, treating them with unjustified cruelty. These families lack psychological, social, and financial support, leaving them with limited choices: either withdraw and isolate themselves in an unhealthy manner, leading to social and economic problems, or succumb to deviant behavior.
The speaker emphasized the need for the government to establish a program to support and care for the families of prisoners, encouraging the involvement of local leaders, mosque elders, and human rights organizations. He acknowledged his past mistakes, expressing remorse for his violent behavior and recognizing the need for change. He highlighted the absence of government agencies providing psychological assistance to released prisoners without disclosing their identity, calling for understanding from others as he tries to rebuild his life.
Having started anew, he lacks a stable home or job, and he believes it is his right to receive assistance from the government, especially from the Ministry of Justice and the rehabilitation department. He stressed the importance of preventing recidivism by ensuring that former prisoners lead dignified lives. The speaker urged the government to address the injustices faced by prisoners, starting from the early stages of incarceration. He recounted the lack of support and exploitation by some prison staff, emphasizing that even after release, former prisoners are left unsupported, facing challenges in reintegrating into society.